À la une Congrès Mondial 2018 de la FIJET

كلمة السيد محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال في افتتاح أشغال المؤتمر السنوي  للاتحاد الدولي للصحافيين وكتاب السياحة

مراكش- 1 دجنبر2018.

باسم الله الرحمن الرحيم.

ضيوف المغرب الكرام،

حضرات السيدات والسادة.

أتشرف بحضور افتتاح أشغال المؤتمر السنوي للاتحاد الدولي للصحافيين وكتاب السياحة، وأود بالمناسبة أن أشيد بالجهود المبذولة لتنظيم هذا الملتقى وأن أنوه بكل المُشْتَغِلين على قضايا الإعلام عموما وفي أبعاده السياحية والثقافية على وجه التحديد. لابد أيضا من التأكيد على أهمية احتضان مراكش، المدينة التاريخية والسياحية، لهذه التظاهرة، بما يعنيه ذلك من حرص على ربْط الفكر بالواقع، والوعي بالممارسة، وأساسا التخطيط بالتشخيص الميداني.

لَطَالَما كانت العلاقة بين الثقافة والسياحة على المستويات الوطنية والدولية، موضوع لقاءات ودراسات وأبحاث وكذا مخططات وبرامج وسياسات. لذلك، فإن رصيد الأدَبيَّات والمقاربات في هذا المجال يتسم بالوفرة والغنى والتنوع بتنوع المنطلقات وزوايا النظر. وبذلك يكون الثابت لدى الجميع هو الترابط العضوي بين الثقافة والسياحة واشتغال القطاعيْن المُدَبِّرَيْن للمجاليْن على نفس الأهداف بكل مسؤولية والتزام.

حضرات السيدات والسادة

لا يخلو هذا الانطباع الإيجابي من تساؤلات حول مدى استثمارنا لهذا الرصيد وهذا الترابط لإرساء سياحية ثقافية مرسومة في جدول المستقبل التنموي من جهة، ومن جهة ثانية لتعزيز ثقافة سياحية تَجُرُّ وراءها تدبيرا مُكَثَّفا يَصُبُّ في إدراك أهمية حفظ التراث الثقافي بجميع مكوناته والاشتغال الأفقي على صيانته وتثمينه وجعله قطاعا عرضانيا يدخل في اختصاصات الجميع، وقبْل كل شيء، إدرَاجِه في قنوات التربية والتكوين والتَّنْشِئَة الاجتماعية كرافعة أساسية من رافعات التنمية الشاملة.

إن الجواب ينطوي على إنجازات حقيقية لا مجال لإنكارها. فقد وضع قطاعَا الثقافة والسياحة استراتيجيات محكمة في هذا المجال بشراكات مع مختلف المتدخلين. وانطلاقا من كون السياحة الثقافية ركيزة أساسية من ركائز السوق السياحية ببلادنا، فإن قطاع الثقافة يدرك تمام الإدراك أهمية الاستثمار في التراث الثقافي المادي وغير المادي، ليس فقط في أبعاده الحضارية والثقافية، بل أيضا في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل السياحة محركها الأساسي. لقد كانت التراث الثقافي منذ بدايات القرن الماضي، في صلب السياسات العمومية المغربية. وقد أسفر هذا الاشتغال المبكر على التراث عن انجازات في مجال جرد التراث الثقافي وتسجيله وحفظه وترميمه وتثمينه كعنصر أساس في المنظومة التنموية. وهذا ما أسفر عن بلوغ مستويات دولية من العناية بالتراث نستحضر منها تسجيل المدينة العتيقة لمراكش التي تحتضننا اليوم، في لائحة التراث العالمي لليونسكو منذ سنة 1985. وتوالت هذه الجهود إلى يومنا هذا من خلال الارتقاء بالتدبير الثقافي إلى مَصَافِّ الاستراتيجيات، حيث أن وزارة الثقافة والاتصال- قطاع الثقافة- قد قطعت أشواطا هامة في صيانة التراث الثقافي من خلال مخططها التنفيذي 2017-2021، الذي تُشكل فيه المحافظة على التراث الثقافي وتثمينه المحور الرئيسي، استلهاما لمضامين الدستور، الذي شدد على ضرورة حماية التراث المادي وغير المادي للمملكة. إن هذا المخطط القائم على جرد التراث الوطني، وتسجيله وترتيبه وترميمه بهدف المحافظة عليه، مع الاستمرار في تسجيل التراث المادي وغير المادي، ضمن التراث الوطني والإنساني، يستحضر بكل إدراك، أهمية الاشتغال على الأبعاد الحضارية والتنموية للتراث. ومن تم كان لزاما أن يصل تدبير التراث الثقافي إلى المستوى الذي يكون فيه تمويل المحافظة عليه وتثمينه، معتمدا على موارده كقطاع منتج، يساهم في الدورة الاقتصادية من جهة، وفي جعل الثقافة قاطرة للتنمية من جهة أخرى. لذلك كان الاشتغال على الحكامة التراثية من خلال الرفع من دخل المعالم والمواقع التاريخية، واردا في العمل اليومي لقطاع الثقافة. غير أن ما يَطبع التراث الثقافي من هشاشة وما يتهدده من مخاطر مستمرة، يجعل تدبيره في حاجة إلى عمل متواصل يحضر فيه الإبداع والابتكار، واستغلال تكنولوجيا الإعلام والاتصال في ضمان صيانته وحمايته وتثمينه.

حضرات السيدات والسادة

إن بلوغ هذه المرامي، يحتاج إلى فاعل أساسي يتمثل في الإعلام الذي يلعب أدوارا جبارة في مواكبة تدبير التراث بالتأليف والكتابة والإخبار وكذا كشف المخالفات والخروقات ورصد الاختلالات. ومن ثم تكمن أهمية هذا المؤتمر السنوي الذي يكشف عن وعي إعلامي عميق بدور الصحافة في العناية بالتراث الثقافي وبالمعالم السياحية، التي تظل الفضاء الذي يلتقي فيه أبناء كل الثقافات والقارات والحضارات. فبقدر ما يصبح السائح مواطنا عالميا تصبح الأماكن السياحية التي يرتادها فضاءاتٍ عالميةً وكونيةً أيضا. من هنا، يَتَّجه اهتمام الصحافة بالسياحية أيضا عن قصد أو بدونه إلى تمجيد قيم اللقاء والتواصل والتعايش بين أبناء الثقافات الإنسانية. وأود التنويه هنا باستضافة هذا المؤتمر للكتاب والباحثين المتخصصين في تأليف وصناعة الكتاب السياحي. وهو مجال معرفي وثقافي جدير بالعناية والاهتمام، لدوره في دعم الصناعات الثقافية والسياحية وبالتالي تكريس السياحة كممارسة ثقافية أيضا. ذلك أن إغناء الرصيد الوثائقي السياحي ورفوف المكتبة السياحية للإنسانية بالإصدارات التي تضطلع بمهمة تثمين الفضاءات السياحية وحفظ التراث الثقافي والذاكرة الحضارية للأمم والشعوب، لن يكون إلا في صالح إمداد الثقافة والسياحة بمزيد من جسور الترابط والتبادل البناء.

لاشك أن هذا المؤتمر سيسفر عن خلاصات وتوصيات داعمة لجهود الارتقاء بالممارسة الإعلامية والكتابة السياحية، وبالتالي النهوض بالإعلام والسياحة والثقافة معا، لذلك أختم بتجديد الشكر للمنظمين ولكل المشاركين من متخصصين وخبراء وإعلاميين، ولسكان مراكش وسلطاتها ومجالسها عميق الشكر والود والتقدير.

وتمنياتي لهذا المؤتمر السنوي المتميز، بكامل التوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Laissez un commentaire